إعادة تعريف وسائل التواصل الاجتماعي: مرحبًا بسكرول ميديا
ما بدأ كمكان للتفاعل والتواصل، تطور إلى شيء أكثر سلبية، وأكثر إدمان، وأكثر ارتباط بالسلوك التلقائي. وداعًا «سوشيال ميديا» مرحبًا «سكرول ميديا».

لا نزال نطلق عليها اسم «وسائل التواصل الاجتماعي»، في حين أن الطريقة التي يستخدم بها الناس هذه المنصات اليوم لا تمت للتواصل بصلة.
ما بدأ كمكان للتفاعل والتواصل، تطور إلى شيء أكثر سلبية، وأكثر إدمان، وأكثر ارتباط بالسلوك التلقائي. لم نعد نفتح هذه التطبيقات بهدف المشاركة أو التفاعل، نفتحها لنمرر الشاشة (سكرول)، وهذا الفارق الذي يغير كل شيء.
اليوم، لم تعد المنصات الرقمية تُبنَ وتُطور من أجل الحوار أو المجتمعات، لقد بُنيت من أجل السرعة، والتكرار، والاستخدام المتواصل دون توقف. الحركة لا تنتهي، المحتوى نادرًا ما يكون شخصيًا، والمستخدم، في الغالب، صامت. أنت لا تسجل دخولك كي تتواصل، بل كي تستهلك. لذلك أطرح مصطلح جديد أعتقد أنه يعكس الواقع الرقمي بشكل أكثر دقة: سكرول ميديا.
الأرقام تثبت أن الغالبية العظمى من المستخدمين لا تنشر، ولا تعلق، ونادرًا ما تعجب بشيء. لكنها تمضي ساعات في التمرير، والمنصات مهندسة لتكافئ هذا السلوك. تيك توك، إنستغرام ريلز، يوتيوب شورتس، فيسبوك، سناب شات، بل حتى لينكدإن: جميعها تعمل كأنظمة تمرير لا نهائية.
الخوارزمية لا تنتظر اختيارك وتبادر بعرض المحتوى، وتتعلم منك، وتعدل نفسها، وتستمر بالتغذية. ما تراه اليوم هو انعكاس لتصرفاتك السلوكية وليس شبكتك الاجتماعية. الآلة تهتم بأين يتوقف إبهامك، أكثر من اهتمامها بمن تتابع.
لا يمكننا النظر لهذا على أنه تطور بسيط في حين أنه تحول سلوكي كامل. ومع ذلك، لا نزال في عالم التسويق والإبداع نتعامل وكأن شيئًا لم يتغير. لا زلنا نتحدث عن «المشاركة»، ونلاحق «عدد المتابعين»، ونقيس الحملات بعدد «الإعجابات» و«التعليقات». لكن هذا ليس مقياس الانتباه في زمن اليوم. ما يهم اليوم هو معدل التمرير، ومدة التوقف، وهل استطاع محتواك كسر النمط وجذب الانتباه.
هذا التحول نفسي أكثر من كونه تقني، فالتمرير ينجح لأنه يغذي ويُرضي الدماغ بشكل مستمر. منشور جديد، فيديو آخر، مفاجأة جديدة. أنت لا تعلم ما الذي سيأتي لاحقًا، ولهذا السبب تواصل التمرير. إنها نفس الآلية التي تجعل ماكينات القمار إدمانية. نحن لا نشارك، نحن نُستثار ونرد الفعل.
وهذا الاقتصاد القائم على رد الفعل غير طريقة الإعلان أيضًا. في النموذج السابق، كنت تبني محتواك لمجتمعك؛ تمهد للرسالة ثم تدعو للتفاعل. أما في عصر السكرول ميديا، فلديك جزء من الثانية لتحدث الأثر. لا أحد ينتظر ظهورك، ولا أحد مخلص لعلامتك ما لم تقدم قيمة فورية. الإبداع يجب أن يكون لحظي، والمقاييس يجب أن تعكس هذه السرعة. يتعلق الأمر اليوم بمدة التوقف، والانطباع الأول، والتحويل الذي يحدث أثناء التمرير، وليس عدد النقرات أو التعليقات.
قد يبدو هذا الواقع قاسيًا.. وهو كذلك. أمامنا خيار واحد فقط: إما أن نتأقلم، أو نتلاشى. المنصات تغيرت، والسلوك تغير، والقواعد تغيرت، وما تبقى هو أن نغير اللغة التي نستخدمها لوصف هذا العالم. ولهذا السبب، أرى أن علينا التوقف عن استخدام مصطلح «وسائل التواصل الاجتماعي»، لإنه يرسل رسالة خاطئة ويوهم بوجود تفاعل بينما الواقع غير ذلك. يضلل المسوقين، يربك صناع المحتوى، ويمنعنا من التعامل مع الواقع كما هو.
سكرول ميديا ليس مجرد اسم جديد، هو بمثابة دعوة لإعادة الفهم والعمل. إنه عدسة جديدة نرى من خلالها حقيقة المنصات الرقمية: أنظمة جذب لا نهائية، تعمل بخوارزميات ذكية، وتقيس النجاح بجزء من الثانية.
وأرجوا أن لا تُفهم هذه الرؤية على أنها متشائمة بينما هي واقعية. لا يزال هناك مجال للإبداع، للتأثير، ولإنتاج محتوى له معنى، ولكن فقط إن احترمنا التحول. فقط إن توقفنا عن خداع أنفسنا بأن الناس يدخلون هذه المنصات من أجل التواصل، بينما هم يدخلون للتمرير.
وإن أردنا أن يكون لنا وجود في هذا التمرير، فعلينا أن نصمم له، وأن نتحدث بلغته.
(المقال أعلاه مقتبس من ورقة بحثية بعنوان: Rebranding Social Media: Hello, Scroll Media)