مساحة لكُتاب المحتوى العاملين في وكالات التواصل والإعلام والتسويق، لتبادل الخبرات والآراء ووجهات النظر حول موضوعات متنوعة. لقاءات تفاعلية في أماكن متجددة!هذه السلسلة مستندة إلى تجارب حقيقية عشتها مع فرق كتابة متعددة، أشاركك فيها ممارسات عملية تصنع فارقًا في حضورك وسمعتك الشخصية.
في الجزء الأول تحدثنا عن «الحضور الفعَّال» وأثره على صورتك داخل الوكالات، وتناولنا ثلاث ركائز: التعامل مع الرفض والتعديلات بذكاء، التحضير المسبق في الاجتماعات، وأهمية الهوايات كوقود للإبداع.
بعد أن ناقشنا الحضور الفعّال، نكمل اليوم رحلتنا مع أربع محطات تكمّل بناء حضورك المهني: التواصل مع الفرق الأخرى، فن العرض «البرزنتيشن»، العصف الذهني، والتعامل مع النقد.
أولًا | التواصل مع الفِرق الأخرى
صحيح أن الكاتب يحتاج للعزلة للتركيز والإنتاج، فالعزلة تمنحك مساحة للإبداع والإنجاز كما فعل العديد من الفلاسفة والكتاب العالميين الذين يستثمرون وقتهم في الكتابة والتأمل. ومع ذلك، عملك اليوم في وكالة إبداعية أو جهة تسويقية يتطلب الانفتاح على الآخرين، الاستماع إلى العملاء والزملاء، وفهم وجهات نظر مختلفة وشخصيات متعددة. الخروج من دائرة الراحة ومشاركة أفكارك مع الفريق يوسّع نجاحك ويقوّي نصك ويزيد خبرتك.
تواصل مع من يتقاطع عملك معه بشكل مباشر مثل المصممين، الإستراتيجيين، مدراء الحسابات، وفريق الإنتاج، وأيضًا مع الأقسام البعيدة مثل الموارد البشرية، وفريق الاستقطاب، ونمو الأعمال… هذا التواصل يمنحك منظورًا أعمق ويحول الأفكار الجيدة إلى أفكار واضحة ومؤثرة.
خطوات عملية:
- اسأل المصمم عن قوالب التصميم والمساحات المتاحة للنصوص.
- تواصل مع الإستراتيجي لفهم الهدف والجمهور والـ «إنسايت».
- جرب مشاركة فكرتك سريعًا مع زميل موثوق للحصول على منظور جديد.
ثانيًا | البرزنتيشن وفن العرض
قد تفقد النصوص العظيمة أثرها إذا لم تُقدَّم بالشكل الصحيح. «البرزنتيشن» هو الجسر الذي ينقل خيالك من الورق إلى عيون الفريق والعميل، ويحول النص من قراءة باردة إلى تجربة حية.
لا أطلب منك أن تكون محترفًا في برامج التصميم، حتى استخدامك لبرنامج الوورد أو الواتساب بذكاء يجعل نصك جذابًا وواضحًا.
خطوات عملية:
- وحِّد المحاذاة النصية: يمين للعربية، يسار للإنجليزية.
- ميِّز العناوين بخط عريض والكلمات المهمة بمقاس أكبر، والنصوص اللاحقة بمقاس أصغر.
- احذف المسافات الزائدة وابتعد عن التشتيت، ليتمكن القارئ من التركيز على النص بسهولة.
- رتب المحتوى منطقيًا: بداية تجذب، وسط يشرح، ونهاية تقنع.
بعد أن تعلمت عرض نصك بشكل جذاب، حان الوقت لتوليد الأفكار بشكل أعمق من خلال العصف الذهني.
ثالثًا | العصف الذهني
يمكن أن نسمِّي هذه المساحة مختبر الكاتب. العصف الفردي قبل الجماعي يصنع فرقًا كبيرًا. كيف؟ بتحضيرك للأسئلة الأساسية أو ما يسميه البعض "Basics". قد تبدو بديهية لأنها تتكرر في كل بريف، لكن كتابتها أمامك يجعل عقلك أكثر تركيزًا ويوجه تفكيرك بطريقة واضحة.
إذا كان الاجتماع مسبق التحضير، حضِّر فكرتين تقريبية مع أمثلة مشابهة، وجود "Reference" يسهل توصيل المعنى والمغزى. إذا كان موعدًا مفاجئًا، ركز على طرح تساؤلات تحرِّك النقاش، مثل: «لو كنا الجمهور، كيف راح نتفاعل مع أول دقيقة من الحملة؟» أو «خلونا نتخيل الحملة بصوت سعودي وغير سعودي، وش الفروقات اللي نحتاج ننتبه لها؟»…
خطوات عملية:
- دوِّن قائمة أسئلة أساسية في دفتر أو نوتة لاستخدامها قبل أي جلسة.
- جرب إنشاء 3 نسخ للفكرة نفسها: جادة، مرحة، وجريئة.
- استمع قبل أن تتكلم، لاحظ أفكار الآخرين وحاول تطويرها.
- إذا جمد تفكيرك، استخدم الخرائط الذهنية: اربط 3 كلمات مفتاحية بالفكرة الرئيسية لتفتح أفقًا جديدًا.
رابعًا | التعامل مع النقد
غالبًا ما نقرأ الرفض كحُكم نهائي، بينما النقد فرصة للتطوير.
كيف تستفيد من النقد؟
- اسأل بذكاء: «وش النقطة اللي حسيتوها ناقصة؟» بدلًا من أسئلة عامة مثل «وش رايكم؟».
- افصل نفسك عن النص: النقد موجه للفكرة وليس لشخصك.
- دوِّن أنماط النقد المتكررة لتتعلم ذوق العميل والفريق.
خطوات عملية:
- استقبل النقد بهدوء ولا ترد مباشرة، اعرف من الناقد، خبرته وخلفيته وعلاقته بالمنتج النهائي.
- مارس التنفس المربع: شهيق 4 ثوانٍ، حبس 4 ثوانٍ، زفير 4 ثوانٍ، حبس بعد الزفير 4 ثوانٍ.
- حوِّل الملاحظات إلى أسئلة تطوير: كيف أجعل النص أسرع وصولًا؟ هل إضافة قصة أو مثل شعبي سيحرك الشعور؟ هل تغيير الأسلوب لجملة استفهامية أفضل؟
بهذه الطريقة، يتحول النقد إلى أداة لتقوية نصك وليس عبئًا.
ختامًا، آمل أن تساعدك هذه المحطات الأربع على الحضور بقوة في بيئة الوكالات الإبداعية، ككاتب محتوى وكصانع تأثير، جرِّب هذا الأسبوع تطبيق إحدى الأفكار، وشاركنا الفرق الذي لاحظته سواء لنفسك أو لأحد أعضاء فريقك.
سنتناول في الجزء القادم، المهارات اللغوية الأساسية، المراجع العملية، الأخطاء الشائعة، والمصطلحات المهمة لكل كاتب محتوى.
صياغة نصوص مخصصة للترويج لمنتج أو خدمة من أجل إقناع الجمهور باتخاذ سلوك محدد.
أسلوب جماعي أو فردي لتوليد الأفكار في وقت قصير، يقوم على إطلاق أكبر قدر ممكن من الاقتراحات دون تقييمها أو نقدها في البداية، بهدف الوصول إلى حلول مبتكرة أو تطوير أفكار يمكن صياغتها لاحقًا بشكل عملي.