
بعد أعوام من العمل في عوالم التسويق والإعلانات، أدركت — من خلال التجربة — معنى التواجد الغائب والحضور المهدور. تعلّمت أن بيئة الأعمال لا تمنح الظهور لمن لا يصنع لنفسه علامة شخصية، يتصل بها بكل حواسه، يسير على نهجها، ويتتبّع أثرها، ويلمس فعاليتها واقعًا.
لهذا اجتمعنا يوم الثلاثاء، الأول من يوليو، لنتشارك خلاصة هذه الرحلة: ما قبل تكوين العلامة، وماذا بعد؟
بدايةً تساءلنا ما هي العلامة الشخصية؟
هي الصورة، والانطباع، والبصمة الذهنية التي تُكوِّنها لدى الآخرين من خلال تواصلك، مهاراتك، أعمالك، وسلوكك.
هي ما يُقال عنك في غيابك، وما يظل في أذهان الناس بعد أن يُطوى النص.
مكونات العلامة الشخصية:
1. الهوية الذاتية: وتشمل قيمك الراسخة، رؤيتك الثابتة، ورسائلك ومساعيك.
2. المهارات والخبرة: ما تتقنه، وما يميزك عن غيرك، وكيف تتعامل مع التحديات وتوجد الحلول.
3. الصوت والأسلوب: هل تكتب بلغة رسمية؟ عامية؟ تعليمية؟ ملهمة؟ قصصية؟ ما هو انطباع الناس عن «نغمة» حضورك؟
4. الحضور الرقمي: كيف يرى الآخرون تواجدك؟ هل هو فعلي، رقمي، لحظي، مرن؟ هل اسمك حاضر وقت الحاجة؟
ماذا بعد التكوين؟
التسويق الذاتي: كيف تُروّج لنفسك ككاتب محتوى؟
التسويق الذاتي هو الممارسة الاستراتيجية التي تهدف إلى الترويج لمهاراتك، وأعمالك، وخبراتك، بطريقة احترافية تُسهّل وصولك إلى الجمهور المستهدف، وتخلق فرصًا مهنية ملموسة.
أهداف التسويق الذاتي:
• الوصول إلى الفرص.
• بناء سمعة احترافية.
• إبراز نقاط القوة.
نتاج التسويق الذاتي:
سيكون لديك صوت عندما تصمت، وأثر بعد غيابك.
وانطباع تتركه قبل أن تُعرّف بنفسك.
وفرص تأتي إليك، حتى قبل أن تطرق أبوابها.
كاتب النور أم كاتب الظل؟
طرحنا هذا التساؤل:
هل أنت اليوم كاتب نور؟ أم كاتب ظل؟
• كاتب النور هو من يدير قصته بنفسه، يصنع هويته، يقدّم نفسه، ويترك أثره.
• أما كاتب الظل، فينتظر من يكتشفه، ويعتمد على الوقت والصدف بدلًا من المبادرة، دون أن يُكوّن علامة أو يسوّق لذاته.
وقد لا يحدث هذا الاكتشاف أبدًا.
ملف الأعمال: تاريخك وحاضرك ومستقبلك
اختتمنا اللقاء بمحور بالغ الأهمية، وهو ملف الأعمال، الذي يُعد وسيلة أساسية لعرض خبرات الكاتب ومهاراته.
لكن إعداد الملف لا يقتصر على تجميع النماذج فقط، بل يتطلب الالتزام بعدد من الضوابط والآداب المهنية.
أهم النقاط التي يجب مراعاتها:
• خلو الملف من الأخطاء الإملائية والنحوية واللغوية.
• تنوّع الأعمال وتحديثها باستمرار.
• احترام سياسات عدم الإفصاح وعدم نسبة أعمال الآخرين لنفسك.
• اختيار توجه بصري مناسب، وتقديم الملف بصيغة مفتوحة وسهلة الوصول.
• صحة معلومات التواصل.
• وضوح دورك في كل عمل معروض دون مبالغة أو تزييف.
وأخيرًا:
العلامة الشخصية ليست ترفًا، بل ضرورة مُلحّة.
هي بوصلتك اليوم نحو الفرص، وتذكرة عبورك في عالم مليء بالمنافسة.
وما عليك إلا أن تصنعها، وتُنمّيها، وتُحسن التعبير عنها، حتى تصنعك بدورها، وتهديك أثمن الفرص.