اليوم الرابع من كان ليونز 2025: الأثر أولى من الانبهار
سادت في اليوم الرابع قناعة مفادها أن الإبداع الحقيقي يُقاس بتأثيره، لا بمظهره.

في اليوم الرابع من مهرجان «كان ليونز الدولي للإبداع» 2025، استمرت الفعالية بزخمها من خلال جلسات مُثرية وأفكار ملهمة. من الجلسات المميزة، لقاء جمع بين «جيف غودبي» و«غريغ هان» تحدثا فيه عن أربعين عامًا من النجاحات والإخفاقات وبناء الفرق المبدعة. كذلك، شارك مسؤولون من علامات تجارية عالمية مثل «Singapore Tourism» و«Suncorp» و«Unilever» في نقاش حول كيف يمكن للإبداع أن يكون محرّكًا فعليًا لنمو الأعمال.
السعودية كان لها حضور مميز أيضًا، من خلال جلسة نظمتها الهيئة السعودية للسياحة بعنوان «ما بعد اللوحة الإعلانية: إعادة التفكير في تسويق الوجهات»، واستعرضت فيها طرقًا جديدة لتقديم تجربة السفر وتسويقها بشكل يركّز على الإنسان والمكان، لا فقط الصورة.
في خلفية كل هذه النقاشات، تكررت مواضيع مثل الذكاء الاصطناعي، مستقبل الإعلام، التجارة الرقمية، والاستدامة. لكن الفكرة الأوضح التي طغت على المشهد كانت أن الإبداع الحقيقي اليوم يُقاس بتأثيره، لا بمظهره. الفكرة الجيدة لم تعد تكفي وحدها فالمقياس هو: ماذا غيّرت؟ وماذا أضافت؟
مؤشرات الحراك الإبداعي
في هذا اليوم تحديدًا، لاحظ كثيرون أن الجوائز الكبرى لم تذهب للحملات التي لمعت لحظيًا، بل للحملات التي بنَت علاقة حقيقية مع الجمهور، أو قدّمت حلولًا عملية لمشكلات واقعية. سواء كانت الاستراتيجية تمتد على مدى سنوات، أو الفكرة بسيطة لكنها تمسّ منطقة ألم، الرسالة واضحة: الإبداع المؤثر هو الإبداع الذي يعيش بعد انتهاء الحملة.
الفئات التي كرّمتها لجنة الجوائز مثل «الإبداع الفعّال – Creative Effectiveness» و«التحول التجاري الإبداعي – Creative Business Transformation» ركّزت على النتائج الملموسة، بينما فئات مثل «الابتكار – Innovation» و«تجربة العلامة وتفعيلها – Brand Experience & Activation» احتفلت بالأفكار التي غيّرت شكل التجربة أو المنتج بالكامل.
الحملات التي لفتت الأنظار
في اليوم الرابع من المهرجان، كُرّمت مجموعة من الحملات بالجائزة الكبرى Grand Prix لما قدّمته من أفكار غير تقليدية، وتطبيقات ذكية، وأثر حقيقي يتجاوز الإعلان إلى المجتمع والسوق:
Shot on iPhone – Apple
(فئة «الإبداع الفعّال – Creative Effectiveness»)
حملة مستمرة منذ أكثر من عشر سنوات، قامت على فكرة بسيطة: أن صور الناس اليومية تستحق أن تُعرض في الإعلانات. لكنها مع الوقت تحولت إلى أكثر من مجرد عرض بصري، وأصبحت أسلوبًا تعبيريًا عالميًا للعلامة. من اللوحات الإعلانية الضخمة إلى المعارض الفنية، خلقت Apple لغة بصرية تعكس أن الإبداع ليس حكرًا على المحترفين، بل يمكن أن ينبع من أي شخص يحمل هاتفًا في جيبه.

Sounds Right – AKQA Copenhagen & Spotify
(فئة «الابتكار – Innovation»)
في خطوة ذكية وذات بُعد بيئي، قامت الحملة بتسجيل أصوات الطبيعة، مثل هدير الأمواج أو خرير الجداول، كأغانٍ على منصات الموسيقى، ونسبتها إلى فنان افتراضي اسمه «Nature». كل مرة يتم فيها تشغيل هذه المقاطع، تُوجَّه العوائد المادية إلى مشاريع لحماية البيئة. ببساطة، تحوّل العمل من حملة توعوية إلى نموذج تجاري يربط ما بين العادة اليومية (الاستماع) والسلوك الإيجابي (الدعم البيئي).

The Partnership That Changed Everything – LVMH
(فئة «الرفاهية ونمط الحياة – Luxury & Lifestyle»)
بدلًا من الاكتفاء برعاية أولمبياد باريس 2024، قررت LVMH أن تكون جزءًا من الحدث نفسه. دار «ديور» صمّمت أزياء مراسم الافتتاح، و«شوميه» صنعت الميداليات من قطع أصلية من برج إيفل، فيما تولت «لويس فويتون» تقديم صناديق العرض الرسمية. هذا التكامل غير المسبوق بين الفخامة والرياضة أعاد تعريف مفهوم الرعاية، وحوّلها من مجرّد شعار على الملصق إلى مساهمة فعلية في بناء الحدث.

Preserved Promos – Ziploc
(فئة «التجارة الإبداعية – Creative Commerce»)
مع تزايد الأسعار وصعوبة توفير العروض الترويجية، طرحت Ziploc فكرة مختلفة: استعادة كوبونات التخفيض القديمة (التي عادة ما تُهمل بعد انتهاء صلاحيتها) وإعادة تفعيلها عبر رموز رقمية شاركها مؤثرون مع جمهورهم. الفكرة بسيطة لكنها مؤثرة، خصوصًا في سوق يبحث فيه الناس عن حلول حقيقية لتوفير احتياجاتهم. الحملة لم تقدّم خصومات فقط، بل أعادت ربط المستهلكين بوعد العلامة الأساسي: الحفاظ، ليس فقط على الطعام، بل على الميزانية أيضًا.
