في أيام قليلة انتقل اسم «شاورمر» من قائمة الطلبات إلى ساحة النقاش العام. بين روايات شخصية وتعليقات جماعية، تشكلت قصة تتسارع فصولها على المنصات. فيديو من موظف، هاشتاق مقاطعة، صور لفروع خالية، ثم رسائل تدعو إلى التهدئة. كيف بدأ كل ذلك، وما الطريق الذي سلكته أزمة شاورمر حتى بلغت ما بلغته؟
شرارة البداية: فيديو على تيك توك
بدأت القصة بفيديو على تيك توك لأحد موظفي «شاورمر» يقول فيه إنه أُجبر على الاستقالة ويطلب تدخل وزارة الموارد البشرية. انتقل المقطع من شاشة إلى أخرى، ومعه انتقل السؤال الأوسع عن بيئة العمل وحدود العدالة داخل الشركة.
ترند على منصات التواصل الاجتماعي
في غضون أيام قليلة، اتسعت رقعة النقاش وتحول الفيديو إلى هاشتاق نشط على منصة إكس عبر فيه مستخدمون عن تضامنهم مع الموظف، وتداولوا صور لفروع المطعم وهي خالية مع تعليقات نقد لاذعة. كما جمع هاشتاق #مقاطعة_شاورمر 59 ألف منشور من 22 ألف حساب، وبلغ مجموع المشاهدات 465 مليون مشاهدة، ما وضع الشركة في دائرة الضوء وجعلها في مواجهة مباشرة مع الرأي العام.

المحتوى القديم في سياق جديد
لم تتوقف القصة عند فيديو الموظف على تيك توك، فقد أعيد تداول إعلان قديم للمطعم يتضمن عبارة «فصلوني»، واكتسب في هذا السياق دلالات جديدة جعلته رمز للتذكير بقصص موظفين سابقين وفهمه البعض على أنه سخرية من فيديو الموظف المتداول. كما امتدت الانتقادات لتطال بعض مسؤولي الشركة وحتى أسماء وجبات المطعم. هذا التراكم ضاعف من حجم التحدي أمام العلامة التجارية.
تدخل لدعم العلامات السعودية
في 31 أغسطس، كتب معالي المستشار تركي آل الشيخ سلسلة تغريدات تدعو إلى تهدئة الموقف والتوازن بين إنصاف الموظف وحماية مصدر رزق العاملين.
حصدت تغريدته الرئيسة في هذا الموضوع 65 مليون مشاهدة، وكانت نقطة تحول كان لها أثر مباشر في إعادة ترتيب السردية العامة. رد حساب «شاورمر» الرسمي بالشكر، وتتابعت التعليقات التي تتفق على أن توسيع دائرة الضرر لا يخدم أي طرف، وأن «شاورمر» بوصفها علامة تجارية سعودية معروفة في السوقين المحلي والإقليمي، فإن استهدافها بعنف قد يخلف آثار سلبية لا تُحمد عواقبها.
جاء هذا التدخل في وقت حساس للسوق، إذ كان للتو قد أعلن عن خبر إفلاس «هامبرغيني» بعد عام من تبعات حادثة تسمم، ما جعل المزاج العام أكثر قلقًا على مصير العلامات المحلية إن طال التصعيد ولم تظهر حلول عملية.
كيف استجابت شاورمر؟
أطلقت شاورمر عروض «طاح الحطب» بخصومات قوية في محاولة لامتصاص الغضب وتحويل النقاش نحو تجربة المستهلك. وفتحت فرص توظيف للسعوديين بواقع 150 وظيفة بوصفها خطوة تؤكد الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية. كما فعلت خطاب الهوية عبر استدعاء حملات سابقة مثل «شد بلد» لتعزيز الانتماء إلى البيئة المحلية.
وبالتوازي مع ذلك، ظهر الموظف صاحب المقطع في فيديو جديد إلى جانب مسؤولي الشركة، في مشهد حصد أكثر من 16 مليون مشاهدة على إكس، وجاء بمثابة تأكيد على أن المصالحة تمت.
من اللافت كذلك أن صفحات «شاورمر» على منصات التواصل أصبحت أكثر تفاعلًا مع المتابعين، إذ باتت العلامة ترد على غالبية التعليقات بشكل مباشر، في خطوة يمكن فهمها كمحاولة حقيقية لإعادة بناء العلاقة مع جمهورها.
ردود الفعل
تباينت ردود الأفعال. جزء كبير من المتابعين كان متسامحًا، معتبرًا أن الشركة خطت خطوات عملية لتصحيح موقفها، وأن دعم «شاورمر» والتسامح معها، كونها علامة سعودية، يخدم المصلحة العامة.
في المقابل، رأى آخرون أن جذور المشكلة لم تُعالج بعد، وأن الحلول جاءت في إطار العلاقات العامة أكثر من كونها معالجة جوهرية لقضايا بيئة العمل، مع مطالبات باستمرار المقاطعة وإطلاق هاشتاق #ما_طاح_الحطب، الذي حصد 24 ألف منشور و159 مليون مشاهدة.
خلال الأزمة، برزت انتقادات لطبيعة الوظائف المعلنة، مع التأكيد على أهمية سعودة المناصب القيادية داخل الشركة. كما شهدت حسابات «شاورمر» على منصة إكس تغير في عدد المتابعين، حيث بدأت الأزمة بـ311 ألف متابع، وانخفضت في منتصفها (18–24 أغسطس) إلى 308 آلاف، ثم عادت للارتفاع إلى 312 ألف بنهايتها.

أما من حيث حجم التفاعل، فقد بلغ إجمالي المشاهدات للمنشورات المرتبطة بالأزمة — سواء المؤيدة أو المنتقدة — نحو 5.72 مليار مشاهدة، منها 3.47 مليار للمنشورات السلبية، و2.25 مليار للمنشورات الإيجابية، ما يعكس حجم الانقسام حول طريقة استجابة الشركة.

في الختام،
يبقى السؤال، هل نجحت «شاورمر» في إدارة الملف كما يجب أم أنها لحقت بالأحداث بعد أن سبقتها وتيرة المنصات؟ وما الذي يمكن أن تتعلمه العلامات المحلية من هذه التجربة عن بناء الثقة حين تهتز؟
وأخيرًا، هل «طاح الحطب» فعلًا؟