
بدايةَ، في رحلتك ككاتب محتوى بين الوكالات، تمر بلحظات تحتاج فيها أكثر من إتقان الكتابة. هذه السلسلة مستندة إلى تجارب حقيقية عشتها مع فِرق كتابة متعددة، أشاركك فيها ممارسات عملية تصنع فارقًا في حضورك وسمعتك الشخصية.
الحضور الفعَّال كلمة ترددتْ على أسماعنا كثيرًا، وهنا أحببتُ أن أشير لها بكامل التفصيل، فهي تبدأ من وعيك بالتفاصيل الصغيرة التي تبني صورتك في أذهان الآخرين. «البشاشة» مثلًا ليست مجرد ابتسامة، بل انفتاح على الفريق: إلقاء التحية بصوت واضح، سؤال بسيط مثل «كيف أصبحتم اليوم؟»، التعرف على زملاء من أقسام أخرى، وفهم طبيعة عملهم. هذا النوع من التواصل يعزز علامتك الشخصية ويمنحك مكانة أقوى وسط بيئة العمل.
ولماذا هذا مهم لك ككاتب محتوى؟
لأن نجاحك يمتد أبعد من جودة النص الذي تكتبه، ليشمل قدرتك على فهم الآخرين، إيصال أفكارك بوضوح، وبناء ثقة متبادلة مع العميل والفريق. هذه المهارات أقدمها لك من تجربة صادقة وحرص حقيقي على زملاء المهنة، فهي تسرِّع إنجاز عملك، وتقلل من التعديلات، وتفتح أمامك فرصًا أكبر للمشاركة في مشاريع مؤثرة.
ما ستجده في السطور التالية هو ثلاث ركائز أساسية نبدأ بها هذه السلسلة وتتضمن: فهم التعديلات والرفض كفرص للتطوير، التحضير المسبق وصوتك في الاجتماعات كأداة تأثير، وأخيرًا التوازن عبر الهوايات كوقود لإبداعك المستمر، تمهيدًا لما سنخوضه لاحقًا من موضوعات أعمق في الأجزاء القادمة.
أولًا | فهم الرفض والتعديلات بذكاء في الوكالات، التعديلات والرفض جزء من العملية الإبداعية. تعامل معها كإشارات توجيهية تفتح لك طرقًا جديدة للتطوير. اسأل: «ما الهدف الأساسي للحملة؟» أو «هل الرسالة التي كتبتها انسجمت مع رؤية العميل؟». أحيانًا يكون السبب أن الصياغة مألوفة أكثر من اللازم أو لم تخلق الأثر المطلوب.
خطوات عملية:
احتفظ بسجل للتعديلات وأسبابها.
أعد صياغة الفكرة بثلاث طرق مختلفة قبل عرضها.
قارن بين النسخ لمعرفة أيها أقرب لهدف العميل.
ثانيًا | التحضير المسبق ورفع الصوت في الاجتماعات الكاتب المحترف لا يأتي بفكرة واحدة فقط، بل بحقيبة من البدائل فكما قيل «اللي ما يجهز العدَّة ما يقوى في الميدان». قدِّم للعميل خيارات متنوعة مدعومة بأمثلة من حملات سابقة أو قصص نجاح. وفي الاجتماعات، اجعل صوتك مسموعًا بطرح أسئلة واضحة مثل: «خلونا نحدد.. وش الرسالة الرئيسية للحملة؟» أو اقترح عليهم مثلًا تحليل «الفئة المستهدفة من زاوية اجتماعية وما هي اهتماماتهم» أو حتى شارك بالتعليق على عمل شدَّ انتباهك.
سرّ من التجربة: التفاعل الصادق، الممزوج بالبشاشة، والإنصات المرحِّب لكل وجهة نظر، يجعل وجهك مألوفًا، يعود إليه الآخرون مرارًا لنقاش الأفكار، وتقدير أهمية رأيك.
خطوات عملية:
قبل الاجتماع، دوِّن 3 أسئلة ذكية لتطرحها.
جهز أمثلة واقعية تدعم فكرتك.
تدرب على تلخيص فكرتك في 60 ثانية بوضوح.
ثالثًا | الهوايات كطاقة إبداعية إضافية الضغط اليومي في الوكالات قد يستهلك تركيزك، والهوايات تمنحك مساحة لاستعادة الإلهام. جرِّب نشاطًا يخرجك من الروتين، مثل الرسم على الرمل، أو المشاركة في ورش عبر منصات مثل «هاوي»، «هاوٍ»، و«سبليفت» التي تفتح لك أبوابًا لتجارب جديدة.
خطوات عملية:
خصص وقتًا أسبوعيًا للهواية، حتى لو نصف ساعة.
شارك تجربتك مع فريقك لفتح باب الإلهام للجميع.
دون أي فكرة تخطر في بالك أثناء ممارسة الهواية.
ختامًا، هذه الخطوات مستخلصة من تجربة مباشرة مع فِرق كتابة في بيئة الوكالات، حيث تحوَّل الحضور الفعَّال والتفاصيل الذكية إلى بصمة مهنية مميزة. ابدأ بتطبيق واحدة منها هذا الأسبوع، ولاحظ الفرق!
في الجزء القادم، سنخوض في موضوعات التواصل مع الفرق الأخرى، وفن العرض «البرزنتيشن»، والعصف الذهني، والتعامل مع النقد.