logo

الأول والسعودي: كتابة سعودية في كل مكان

في منتصف أبريل 2025 أعلنت وزارة الثقافة عن خطّي "الأول" و"السعودي"، وقدّمت الملفات مجانًا عبر منصّتها الرقمية معلنة بذلك فتح صفحة جديدة في قصة الحرف السعودي.

الأول والسعودي: كتابة سعودية في كل مكان

في منتصف أبريل 2025 أعلنت وزارة الثقافة عن خطّي "الأول" و"السعودي"، وقدّمت الملفات مجانًا عبر منصّتها الرقمية معلنة بذلك فتح صفحة جديدة في قصة الحرف السعودي. فبعد رحلة بدأت على صخور العلا واستمرت في مخطوطات ودواوين ومدارس، يصل الحرف العربي، والسعودي تحديدًا، اليوم إلى صيغة رقمية متقنة، جاهزة لتكون لغة الشوارع والهواتف معًا​.

جذور تتجدد

تستعير حروف "الأول" ملامح النقوش الهجرية المبكرة: ألف طويلة، توازن واضح بين المسافات، وزوايا تشبه ظل نخلة في الظهيرة. العمل لم يتوقف عند الاستلهام، بل أعاد تشكيل الخط ليصبح ملائمًا لعناوين الصحف وشاشات الهواتف من دون إثقال القراءة. أما "السعودي" فيحمل البنية نفسها مع انحناءات أكثر لطفًا ووزن أخف، بحيث يناسب القوائم والتنبيهات في واجهات التطبيقات​. كلا الخطين يربط الحاضر بذاكرة حجر ما زال يقف شاهدًا في شمال الجزيرة.

الخط هوية تسبق النص

منذ زمن طويل تساعد الألوان والشعارات على تمييز العلامات التجارية. الحروف تسهم بدورها في تكوين الانطباع الأول، إذ تكشف مزاج الرسالة قبل اكتمال قراءة الكلمات. حين يتم اختيار "الأول" لعناوين حملة عن يوم التأسيس، يشعر المشاهد برسوخ السياق الثقافي. وعندما يظهر "السعودي" في واجهة تطبيق دفع محلي، يتسلل شعور بالانتماء الدافئ إلى تجربة الاستخدام. هذه التفاصيل الصغيرة تجمع جهات حكومية وشركات ناشئة ومتاجر في خيط بصري واحد. ومع تكرار المشهد تتشكل هوية واضحة من دون أن تفرض لونًا أو شعارًا واحدًا على الجميع​.

ما قبل "الأول" و "السعودي"

قبل أن يرى ثنائي "الأول" و"السعودي" النور، قطعت وزارة الثقافة سلسلة خطوات متتابعة رسمت ملامح خارطة الحرف الوطني. بدأت الرحلة عام 2020 بإطلاق خط "عام الخط العربي" الذي أعاد بريق الكوفي والثلث إلى ملصقات المعارض. ومع إعلان "عام القهوة السعودية" في 2022 ظهر خط مستدير الحواف يضفي دفء المجلس على عبوات البن ومواد الترويج. 

بلكونة

مطلع 2023 قدمت الوزارة حزمة "مصمك"، "نسيب"، "وتد" بأوزان هندسية متعددة، لتغطي احتياجات العناوين والنصوص اليومية في المؤسسات. 

بلكونة

ثم أضافت في الخريف خط "عام الشعر العربي" بإيقاع هادئ يناسب أمسيات القصيد . أواخر 2023 انطلق خط "عام الإبل" بخطوط عريضة تواكب مهرجانات المزايين، وفي مستهل 2025 وصل خط "عام الحرف اليدوية" مستلهمًا يافطات السوق الشعبي.

بلكونة

هذا التدرج، من خطوط مرتبطة بمناسبات محددة إلى خطوط جاهزة للاستخدام العام، هيأ الأرضية التقنية والجمالية التي استقر عليها "الأول" و"السعودي" بوصفهما هوية طباعية تتجاوز حدود الفعاليّة الموسمية إلى كل القطاعات.

أمثلة من خارطة العالم

تبنّت مدن وحكومات أخرى مسارًا مشابهًا.

دبي قدمت عام 2017 Dubai Font بالتعاون مع مايكروسوفت، فأصبح يظهر تلقائيًا في حزمة Office ويُستخدم في المخاطبات الرسمية، جامعًا العربية واللاتينية في ملف واحد​.

بلكونة

في الولايات المتحدة اعتمد نظام التصميم الحكومي خط Public Sans لتوحيد واجهات آلاف المواقع الفدرالية مع الحرص على الإتاحة المفتوحة للمصممين​.

بلكونة

هيئة النقل في لندن حدّثت خط Johnston 100 سنة 2016 احتفالًا بمرور قرن على إطلاق النسخة الأصلية، وأضافت أوزانًا تناسب الشاشات الرقمية الجديدة​.

بلكونة

حكومة كندا أطلقت Canada 150 قبل الاحتفالات بالذكرى المئة والخمسين، فأتاحته مجانًا باللاتينية وبلغات السكان الأصليين دعمًا لفكرة التنوّع الثقافي​.

بلكونة

هذه النماذج تثبت أنّ الخطوط العامة قادرة على تلخيص هوية وطنية في تفاصيل الكتابة اليومية.

التقنية باختصار إنساني

إعداد خط عربي صالح للشاشات يشبه تنسيق فرقةٍ موسيقية: تغيُّر شكل الحرف مع موقعه، اندماج ل+ا، وحركات تُحافظ على إيقاع الجملة من أعلى. في "الأول" و"السعودي" تتولّى الجداول البرمجية هذه المهمة، فتضبط أشكال الحروف تلقائيًا وتثبّت علامات التشكيل بدقةٍ تحمي النصوص التعليمية والدينية من ارتباك القراءة. ملفٌ واحد بوزنٍ متغيّر يسمح بتكبير العنوان أو تنحيف الترويسة بلا حاجة إلى تحميل ملفات إضافية. أضيف أيضًا رفيق لاتيني يساير ارتفاع الحروف العربية ويقارب تباين السُمك، لتستقر التصاميم ثنائية اللغة دون اجتهادٍ متعب. التقنية هنا لا تظهر بالعين المجرّدة، لكنها تحرّر المصمم من إصلاح المسافات يدويًا وتمنحه وقتًا أطول للخيال والإبداع.

تجربة تصميم أبسط

يرشد الدليل المرفق بالخطين إلى توصيات عملية: حجم 12–14 نقطة للنصوص المطبوعة مع تباعد سطر يساوي مرة ونصف حجم الحرف. العناوين تستفيد من الوزن العريض بعد المقاس 18. الجمع بين الخطين في تصميم واحد يمنح تراتبية واضحة من دون اللجوء إلى ألوان صارخة أو تأثيرات ظلّ. تكفي درجات الوزن المتغيّر لخلق مستوى بصري غني. في مواقع الويب، يفضَّل استخدام صيغة WOFF2 لضمان تحميل سريع، بينما تكفل الجداول البرمجية التفاعل الصحيح مع خاصية الاتجاه من اليمين لليسار. كل ذلك يقلل الوقت الذي كان يضيع في إصلاح التحام الحروف أو ضبط المسافات.

الحرف في الحياة اليومية

قد يفتح الترخيص المجاني الباب أمام مدارس تطبع كتب القراءة بخط "الأول"، كما قد تلجأ استوديوهات التصميم إلى تحريك نصوص دعائية بخط "السعودي" على لوحات LED في الفعاليات. من المحتمل أيضًا أن تظهر لافتات محلّية في شوارع الرياض تعتمد أحد الخطَّين، فيغدو الحرف ملمح عمراني يوازي واجهات المباني في حضوره البصري. تناغم هذه اللافتات يمكن أن يرسّخ الهوية من غير حاجة إلى لونٍ محدد أو شعار رسمي.

الاحتمالات تمتد إلى العالم الافتراضي أيضًا. قد تتبنّى شركات تقنية محليّة الخطين في واجهات التطبيقات، فينخفض شعور الاغتراب لدى المستخدم الذي يقرأ العربية يوميًّا. وعند دخول علامة تجارية عالمية إلى السوق السعودي، قد يصبح اختيار "الأول" أو "السعودي" إشارة تقديرٍ ثقافي تُلمح إلى فهم السياق المحلي. بهذه الطريقة قد يتحوّل ملفٌ رقميّ صغير إلى وسيط ناعم ينقل لغة المكان من الشاشة إلى الحياة اليومية.

ما وراء الحدود

في عالمٍ يتّسع بحركة الملفات، لا يُستبعَد أن تظهر كلمة قهوة سعودية مكتوبة بخط "السعودي" في قائمة مطعم عربي ببرلين، أو يُزين ملصق "أسبوع الثقافة السعودية" في باريس بخط "السعودي". وقد تختار السفارات السعودية في العواصم الكبرى استعمال الخطَّين في مطبوعاتها التعريفية أو حملاتها الثقافية، فتُعرِّف الزائر إلى الهوية من لحظة قراءة الشعار. الحرف يمارس دبلوماسيته الهادئة حين يعبّر عن روح المكان بطريقة لا تحتاج إلى ترجمة. وكلما تبنّت علامة عالمية الخطَّين في إعلان موجّه إلى السوق السعودي، تعزّز يقين الجمهور بأن لغته حاضرة في أدق التفاصيل.

خلاصة القول،

من نقش حجري إلى ملف WOFF2، قطع الحرف العربي رحلة طويلة حتى وصل إلى "الأول" و"السعودي". المشروع لا يضيف خطين جديدين فحسب، بل يفتح نافذة واسعة على تاريخٍ عريق ويدعو المصممين إلى إعادة رواية الحكاية بلغة الحاضر. ومع اتساع انتشار الخطين في الصحف والشاشات والطرقات، يتشكّل مزاج بصري يوحد المدينة دون أن يمحو اختلاف الحارات. في النهاية تُغني الخطوط العامة تجربة الحياة اليومية، وتضع قطعة فنّ صغيرة في جيب كل من يكتب بالعربية. بهذه الروح يواصل الحرف مسيرته، حاملًا ذاكرة المكان، ومصطحبًا معه وعدًا دائمًا بتجدّد لا ينقطع.

المنظمات ذات الصلة

خط مخصص - Custom Typeface

خط مخصص - Custom Typeface

خط يُصمم حصريًا لعلامة تجارية أو جهة رسمية.

بدائل سياقية - Contextual Alternates

بدائل سياقية - Contextual Alternates

تبدّل شكل الحروف العربية بحسب موقعها لانسجام بصري أدق.

دليل الأسلوب - Style Guide

دليل الأسلوب - Style Guide

كتيب يشرح قواعد استخدام الهوية البصرية والخطوط المعتمدة.

إظهار المزيد
اقرأ المقال التالي

مقالات ذات صلة