logo
مجتمع POV

عاشر لقاءات مجتمع POV: كواليس العملية الإبداعية داخل الوكالات

اللقاء العاشر لمجتمع POV يأخذنا في رحلة داخل عقل الوكالات، من البريف وحتى المُخرج النهائي، مع الضيف «محمد النملة» مفكر إبداعي في وكالة أكوان.

عاشر لقاءات مجتمع POV: كواليس العملية الإبداعية داخل الوكالات
مجتمع POVمساحة لكُتاب المحتوى العاملين في وكالات التواصل والإعلام والتسويق، لتبادل الخبرات والآراء ووجهات النظر حول موضوعات متنوعة.

في عالم الإعلان، هناك مساحة رمادية لا يراها الجمهور؛ منطقة صامتة يفصل فيها صانعو الإبداع بين أول جملة تُكتب في البريف، وبين آخر ثانية يشاهدها المستخدم على الشاشة. داخل هذه المنطقة تتخذ القرارات الصعبة، وتولد الأفكار، وتتشكّل القصص التي تغيّر سلوك الناس—not فقط تلفت انتباههم.

هذه المساحة كانت محور اللقاء العاشر لمجتمع POV، الذي عُقد في مقر مجموعة فُوج FOAJ بالرياض، أحد أكبر الاتحادات الإعلانية في المنطقة. اللقاء قدّمه سليمان الشمري، واستضاف المفكّر الإبداعي محمد النملة، قائد الفرق الإعلانية في وكالة أكوان، وصاحب خبرة تمتد لأكثر من تسع سنوات في تحويل الأفكار الأولية إلى حملات تُشاهَد وتُناقَش وتترك أثرًا حقيقيًا.

حين تبدأ الفكرة قبل أن تُكتب

افتتح اللقاء بمحطة لافتة في مسيرة ضيف الجلسة: فوزه بجائزة أثر من بين أكثر من ثلاثة آلاف مشاركة. بالنسبة لمحمد النملة، لم تكن الجائزة مجرّد تكريم، بل إشارة بأن العملية الإبداعية — بكل الوقت والجهد والنقاشات والمراجعات — كانت تتحرك في الاتجاه الصحيح.

هذه اللحظة فتحت باب لسؤال أعمق: ما الذي يجعل حملة إعلانية تتحول من مجرد إعلان جميل، إلى عمل يترك أثره على الناس ويُصبح جزءًا من حديثهم اليومي؟

تغير الإعلان… لأن الجمهور تغير

قبل سنوات، كانت الإعلانات جزءًا من الضجيج. إعلانات تُشاهد بلا اهتمام، وتُمَرر بلا مشاركة.

لكن السوق تغيّر. الجمهور أصبح أكثر وعيًا، وأكثر ذكاءً، وأكثر ارتباطًا بالرسالة التي تشبهه فعلًا. اليوم، الإعلانات الناجحة هي تلك التي:

  • تتحدث بلغة الناس

  • تنطلق من مواقف إنسانية حقيقية

  • تُعيد صياغة القصص اليومية

  • وتُشارك كأنها محتوى شخصي

الإعلان لم يعد لوحة جميلة، بل قصة. والناس بطبيعتهم لا ينجذبون إلى الجمال… بل إلى القصص التي تلمسهم.

كيف تُقنع العميل بالفكرة الإبداعية؟

إقناع العميل لا يبدأ عند كتب العروض أو القاعات، بل يبدأ عند المبدع نفسه. الفكرة التي لا يؤمن بها الفريق لن تُقنع أي عميل.

ثم تأتي نقطة لا تقل أهمية: طريقة العرض. الفكرة ليست ملفًا يُرسل، بل حكاية تُروى. كل جملة، كل مثال، كل طريقة شرح تُسهم في نقل الفكرة من مستوى الخاطر إلى مستوى القناعة.

ومن الأساليب الخاطئة الشائعة داخل الوكالات تقديم أفكار متفاوتة القوة. تقديم فكرة ضعيفة بجانب أخرى قوية يقلل من ثقة العميل بالمبدع؛ لأن تعدد المستويات يوصل رسالة ضمنية: أنا نفسي لست واثقًا.

القوة ليست في تنويع الخيارات… بل في جودة كل خيار.

معيار الفكرة ليس جمالها… بل قدرتها على تحقيق الهدف

قد تُعجب الناس فكرة جميلة بصريًا أو لغويًا، لكنها لا تحقق أي أثر. بينما قد تُحدث فكرة بسيطة للغاية تغييرًا واسعًا لأنها أتقنت فهم الهدف.

الفكرة الإبداعية الحقيقية هي التي تخدم الهدف بدقة. الجمال يساعد، لكنه ليس معيار الحكم. الأثر هو الحكم الحقيقي.

ما قبل الفكرة: البريف… اللحظة التي تحدد كل شيء

البريف هو حجر الأساس لأي حملة. ليس ورقة تقنية، بل جلسة حوار صادقة تُسأل فيها الأسئلة الصحيحة:

  • لماذا نطلق هذه الحملة الآن؟

  • ما الرسالة المركزية؟

  • من الجمهور؟

  • ما مخاوفه؟

  • ما قيم العلامة؟

  • وما النتيجة التي نريد الوصول إليها بدقة؟

البريف القوي يرسم الطريق… والبريف الضعيف يضيعه.

ولصياغة بريف فعال، يجب أن يحتوي على هدف قابل للقياس، سياق كامل للجهة، رسائل اتصال واضحة، وبحث يوضح خلفية الموضوع، مع تحديد دقيق لشريحة الجمهور. لا وجود لفكرة تستهدف الجميع؛ الجمهور الحقيقي محدد وواضح.

الدروس التي جاءت من قصة أرامكو

ذكر النملة تجربة مهمة مع أرامكو، حيث استلم مشروع غير واضح، فطلب من المسؤول أن يبدأ من البداية، دون افتراض أو ادعاء فهم مسبق. هذا الحديث كشف له زوايا لم تكن واضحة، وتحول إلى أساس الحملة.

الدرس المباشر: إياك أن تدخل مشروع بافتراض المعرفة. اترك العميل يتحدث، وسيعطيك نصف الفكرة دون أن يشعر.

أين تبدأ الحملة؟ ليس من المنصة… بل من أقرب نقطة للجمهور

الحملات الذكية لا تُطلق على أكبر منصة، بل على المنصة الأقرب للجمهور الحقيقي. النملة شرح هذا المفهوم من خلال مثال تطبيقات التوصيل:

الحملة تبدأ داخل التطبيق نفسه ثم البريد ثم الإشعارات ثم أخيرًا منصات التواصل

بهذا التدرج تقل الأخطاء، وتزيد دقة الاستهداف، وتظهر النتائج الحقيقية.

أبرز مثال كان حملة نعناع، حين وزع الفريق «حزمة نعناع» على بيوت حي واحد. الفكرة بسيطة جدًا، لكنها فعالة لأنها وصلت للجمهور الحقيقي في موقعه الطبيعي.

داخل الورشة الإبداعية: كيف تنضج الفكرة؟

في مجموعة فُوج FOAJ، يتم تقييم الأفكار بمعيار واحد: هل تخدم الهدف؟ وليس: هل أعجبني اللون؟ أو هل الخط كبير؟

الأذواق الشخصية يتم استبعادها تمامًا لأنها لا تملك قيمة استراتيجية.

أما العصف الذهني، فتتم إدارته داخل الوكالة بثلاث مراحل: جمع أكبر عدد ممكن من الأفكار، بدون حكم أو انتقاد. ثم تقييم الأفكار وتجميعها. ثم تكوين اتجاهات واضحة.

الفكرة التي تبدو سخيفة في البداية قد تكون البذرة التي تخرج منها أقوى حملة.

حين تتوقف الفكرة: كيف تتعامل مع القفلة الإبداعية؟

الانقطاع الإبداعي ليس عيبًا، بل جزء طبيعي من العملية. والحل ليس الإصرار، بل التوقف. تغيير المكان، الخروج قليلًا، مشاهدة أعمال أخرى، أو حتى كتابة بعض السطور بالقلم.

الكتابة اليدوية، كما شرح النملة، تساعد على استخراج الأفكار العميقة لأن العقل يعطي أفضل ما لديه قبل أن تتعب اليد.

البحث هو المصدر الذي يسبق كل فكرة

البحث ليس خطوة تجميلية. هو أساس الفكرة الإبداعية. الإنسان لا يستجيب لما يُعجب… بل لما يفهمه ويشعر به.

حملة التبرع مثال ممتاز. بدل التركيز على العائد الروحي، بحث محمد وفريقه عن الدوافع الحقيقية للتبرع. اكتشفوا أن الناس يتبرعون لأنهم مرّوا بالتجربة نفسها. هذا الإنسايت غير الاتجاه بالكامل.

النقد الذوقي: العدو الأول للإبداع

الأذواق شخصية ومتغيرة. ما يقتله الإبداع فعلًا هو تحويل الذوق الشخصي إلى قاعدة.

المعيار الوحيد الذي يجب القياس عليه هو الجمهور المستهدف: هل سيتفاعل؟ هل سيشعر بأن الرسالة له؟

الإبداع عمل جماعي، وليس وظيفة فردية

الفريق الإبداعي الحقيقي هو فريق متكامل. المصمم يكتب، الكاتب يقترح، مدير المشروع يضيف زاوية. الفكرة ملك المجموعة، لا شخص واحد.

نجاح الفريق لا يقوم على الأدوار، بل على الانسجام.

الذكاء الاصطناعي: شريك يعزز الفكرة، لا يحل مكانها

الذكاء الاصطناعي اليوم جزء أساسي من العملية الإبداعية. يساعد في توليد صور أولية، Moodboards ،Storyboards، ويجعل عرض الفكرة أسرع وأكثر وضوحًا للعميل.

لكن الذكاء الاصطناعي لا يملك إحساس الكاتب، ولا تجربة الجمهور، ولا فهم السوق. دوره تعزيز العمل، وليس استبداله.

وصفة الحملة التي تصنع أثرًا

الحملات المؤثرة لا تأتي صدفة، بل تمر بهذه المراحل:

  • بريف واضح ومكتمل

  • بحث عميق

  • رسالة إنسانية

  • فكرة مبنية على Insight حقيقي

  • منصة صحيحة

  • تنفيذ بسيط وواضح

  • أثر يُشعر به، لا يُقاس فقط بالمشاهدات

النجاح الحقيقي ليس عدد التفاعلات… بل لحظة يتحول فيها الإعلان إلى حديث الناس.

ختامًا،

ما بين البريف والإعلان النهائي، هناك رحلة كاملة لا تراها الجماهير. رحلة مليئة بالأسئلة، الملاحظات، النقاشات، والفجوات التي يحاول الإبداع دائمًا سدها.

المنظمات ذات الصلة

موجز إبداعي - Creative Brief

موجز إبداعي - Creative Brief

وثيقة تقدم شرحًا موجزًا للأهداف والمبادئ التوجيهية التي يجب أن يتبعها فريق الإبداع أثناء تصميم إعلان

حبسة الكتابة - Writer's Block

حبسة الكتابة - Writer's Block

ظاهرة شائعة تتمثل في عجز الكاتب عن إنتاج نصوص جديدة رغم رغبته في الكتابة.

الجمهور المستهدف - Target Audience

الجمهور المستهدف - Target Audience

مجموعة محددة من الأشخاص الذين يستهدفهم الإعلان بناءً على خصائص معينة مثل العمر أو الدخل أو الاهتمامات

إظهار المزيد
اقرأ المقال التالي